البكـــــــــــــــــــــــــــــالوريا في أزمة..
البكالوريا المغربية تعيش أزمة حقيقية.. أزمة أخلاقية على مستوى الوزارة الوصية، والمقرر الدراسي، والأساتذة والتوجيه، والتشغيل!
وظهرت على الساحة مُصطلحاتٌ من قبيل اعتبار «البكالوريا قديمة».. فإذا مضت على هذه الشهادة بضعُ سنين، اعتُبرت قديمة، وبالتالي غير مقبولة، وبتعبير آخر يتوجبُ على حاملها أن يترشح لبكالوريا جديدة إذا أراد لهذه الشهادة أن تُقبل منه.. هذا منطقٌ غريبٌ حقاً.. منطقٌ يُفيدُ أن بكالوريا هذه السنة ليست هي بكالوريا العام القادم، أو بكالوريا الخمسينات التي بها يحكُمنا بعضُ الوزراء ورجالُ ونساءُ السلطة، هي مجردُ أوراق غير صالحة.. أزمة تُكَرّسٌ التعامل بمكياليْن مع أبناء وبنات الشعب المغربي، بشهادة هي مقبولة هنا، ومرفوضة هناك، وتُشترط صياغتُها ، أي تجديدُها هنالك! وإلى أزمة القيمة الورقية لهذه الشهادة، هناك أزمةُ الامتحانات التي تكرّست بشكل مفضوح هذه السّنة بتسرّب الأسئلة في عدة مناطق على رأسها مدينة مكناس.. ما قيمة الشهادة المغربية إذا كانت مجرد ورقة ينطبق عليها ما طبَّقوا على وثائق إدارية أخرى لا تُقبل بعد مرور ثلاثة أشهر على تاريخ تسلُّمها؟ ولا تسأل على أزمة المقرّر، ومن يقومون بتدريس هذا المقرر: إن بعض الأساتذة هم فعلا أساتذة، ولكن آخرين ما هم إلا سماسرة مكَّنتهم الوزارةُ الوصية من الوصول إلى هذه المواقع فاستغلُّوها لمصالحهم الذاتية، وما زالوا يعبثون بالتعليم والمتعلمين، وبالتالي مستقبل البلد. ومن هؤلاء من يبيع النُّقط للطلبة، ومنهم من يساوم الطلبة، ومنهم من يشتُمهم. وإذن مكان هؤلاء ليس القسم التعليمي، بل الوقوف في قفص الاتهام أمام المحكمة. هم يُنجحون من يشاؤون، ويُسقطون من يشاؤون، لا على أساس الكفاءة أو اللاّكفاءة، بل على أساس اعتبارات ذاتية. حساباتٌ شخصية، مزاجية، تُدمر الشهادة المغربية ، وتجعل حاملَها مشكوكا في كفاءته.. وإلى كل هذا يأتي مشكلٌ اصطنعه المسؤولون عن قطاع التعليم، وهو كونُ نفس الشهادة لها قيمة في فرنسا، على سبيل المثال، وليست لها نفس القيمة في المغرب.. هذا لا ينطبق على البكالوريا وحدها، بل على شهاداتٍ أخرى، حيث المغربُ ما زال يرفض حلَّ هذا المشكل ، واضعا بذلك عراقيل تيئيسية أمام الشباب المجتهد الحاصل على هذه الشهادات. هل يستطيع المغرب أن يتطور وهو يحارب الشهادات التي يُسلّمها هو نفسُه عبر وزاراته الوصية؟ وفي هذا السياق، ومع البكالوريا المؤزَّمَة، لا ننسى مُشكلاً موازيا ما زال في حالة استعصاء، وهو التكافُؤ بين الشهادات.. إنّ مُشكل تكافُؤ الشهادات يجعلُ بعض مُؤسسات التّعليم العالي أمام مُعضلة يُؤدّي الطلبةُ، ومن خلالهم الأُسرُ المغربيةُ المعنية، ثمنَها غاليا.. وعلى سبيل المثال، الراسبون في السّنة الثانية أو الثالثة في بعض التّوجُّهاتِ الجامعية، لا يجدون مجالاً لاستكمال دراستهم في مؤسسات أخرى نظرا لعدم وجود تكافؤ في الشهادات التي تُسلّمُها الدولةُ المغربية. ولحدّ الآن، ورغم مرور عقود من الزمن على بعض الشهادات المعنية، فإن المسؤولين لا يسعون فعلا لحلّ مشكل التكافؤ بين بعض الشهادات، فيُعرقلون المسيرةَ الجامعية للشباب المغربي. لقد تمكن المسؤولون عندنا من تمييع عالم الشهادات التعليمية، بما فيها البكالوريا وشهادات أخرى، وصولا إلى الدكتوراه، فما فوق !!